أبريل 21, 2021 syr data

أخاف الولادة بسبب الكيملك: معاناة سوريات في تركيا

نيلوفر – إيمان حمراوي- روزنة

“لا أستطيع الحصول على العلاج في مستشفيات الدولة التركية العامة لكوني لا أملك بطاقة حماية مؤقتة من ولاية غازي عنتاب، فبطاقتي من أورفة، وإقامتي ضمن عنتاب”، ملخّص معاناة لين، سيدة سورية هي واحدة بين عشرات السوريات اللواتي يعانين جراء عدم تمكنهنّ الحصول على بطاقة حماية مؤقتة كيملك لأسباب متعددة.

تقول لين لـ”روزنة”، “ولدت طفلي الأول بمستشفى خاص لامتناع مستشفيات الدولة عن استقبالي دون امتلاكي كيملك من ذات الولاية…  حاولت نقل الكيملك إلى عنتاب ولم أستطع رغم محاولاتٍ عديدة”، وتشير إلى أنّ زواجها أيضاً غير مثبّت في تركيا لعدم حصولها على الكيملك، مع العلم أنّ زوجها حامل لبطاقة الحماية المؤقتة من ولاية غازي عنتاب.

عدم حصول اللاجئ السوري على بطاقة حماية مؤقتة كيملك يحرمه الحصول على كافة الخدمات الصحية أو التعليمية أو المساعدات الاجتماعية، وبحسب “إدارة الهجرة التركية“يمكن للسوريين الذين حصلوا على بطاقة الحماية المؤقتة الاستفادة من الخدمات الصحية داخل المدينة التي يعيشون فيها”.

وعن الوضع القانوني يقول المحامي غزوان قرنفل لـ”روزنة”، إنّ  “نقل الكيملك من أورفة إلى عنتاب عملية متاحة قانونياً، كما أنّ إمكانية تسجيل الزواج إن كان بولاية أورفة أوغازي عنتاب متاح للزوجين، لكنهما وقعا في أمر مخالف للقانون التركي ألا وهو إبرام عقد زواج ديني، وهنا تستوجب المخالفة عقوبة السجن للزوجين إن كانا بالغين تصل إلى 6 أشهر، و3 أشهر لمن أبرم العقد”.

ولتصحيح الوضع القانوني للسيدة، أوضح قرنفل أنّ عليها نقل الـ كيملك إلى عنتاب ومن ثم إبرام عقد زواج قانوني، حتى وإن كان الطفل سيسجل على أنه مولود بدون زواج، لكون ولادته قبل تاريخ الزواج المدني، لافتاً إلى أنه يمكن لأحد الزوجين تقديم طلب للولاية بنقل الـ كمليك، بناءً على مكان إقامة الآخر.

سنوات دون كيملك

معاناة لمار (اسم مستعار) تشبه ما مرت به لين، تزوّجت تحت السن القانوني وولدت طفلها الأول بسن 16 عاماً، ولم تملك منذ سنوات كيملك تؤهلها الدخول إلى مستشفيات الدولة العامة.

تقول لـ”روزنة”: “عانيت خلال حملي الأول نتيجة ضعف جسمي…  احتجت لمجموعة تحاليل لم أستطع استخراجها من المستشفيات العامة بسبب عدم امتلاكي للكيملك، عدا كوننا لاجئون جدد في تركيا ولا نعرف أي شيء، لذلك لم أذهب وأحلل في المستشفيات الخاصة، وعندما حان وقت الولادة، ولدت طفلي بمستشفى خاص وعانيت فيما بعد مشكلاتٍ صحية”.

ولتسجيل المولود الجديد في النفوس التركية يجب توفر وثيقة ميلاد الطفل، وبطاقات الحماية المؤقتة كيملك للوالدين، وفق إدارة الهجرة التركية، التي أوضحت أنه في حال ولادة الطفل خارج المستشفى (منزل أو غير ذلك) يجب الحصول على وثيقة دليل بحدوث الولادة من المختار.

وعن سبب عدم حصولها على كيملك لأكثر من 3 سنوات تقول لمار “عندما كنت مع أهلي في غازي عنتاب كان لدي كيملك، عدنا إلى سوريا وتزوجت هناك،  ثم عدت مع زوجي إلى تركيا، بينما عائلتي بقيت هناك”.

وتضيف، “حجزت وزوجي لاحقاً موعداً لتحديث البيانات، فأخذ مني مركز تحديث البيانات الكيملك القديم وامتنع عن إعطائي كيملكاً حديثاً لكوني تحت السن القانوني ولعدم وجود عائلتي التي لم تستطع الدخول إلى تركيا مجدداً، وهكذا بقيت بلا كيملك لحين بلوغي السن القانوني، وأي طارئ صحي خلال تلك الفترة كنت أذهب للعلاج في المستشفيات الخاصة، مع العلم أنّ الوضع المالي كان متوسطاً”.

نسبة السوريات بتركيا!

ووفق تقرير لـ “جمعية اللاجئين” الواقعة بولاية إسطنبول، في الـ 24 من شباط الماضي، بلغ عدد السوريين المسجلين تحت الحماية المؤقتة بتركيا، 3 مليون و656 ألف و535 شخصاً، وتبلغ نسبة النساء السوريات 46.2 في المئة من إجمالي عدد السوريين، فيما يشكل الرجال 53.8 في المئة.

وتضم ولاية إسطنبول أكبر عدد من السوريين بواقع 521 ألف و315 لاجئاً سورياً، تليها ولاية غازي عنتاب 449 ألف و945 لاجئاً سورياً، تليها ولاية هاتاي بواقع 436 ألف و264 سورياً، ومن ثم شانلي أورفة 422 ألف و986 سورياً.

زوجوني بالـ  16 وما معي كيملك

شهد (اسم مستعار) 16 عاماً، أوشكت على الولادة، فيما لا تزال تحاول الحصول على كيملك، كما لم تثبّت زواجها بعد، تقول لـ”روزنة”: “زوجوني أهلي بعد ما دخلنا تركيا وعمري 16 سنة، وعلى أساس ما يصير حمل لبعد الـ 17 سنة، لكن صار وحملت وماعندي كيملك، حاولنا نطالعها بمصاري وما مشي الحال”.

تخاف شهد من موضوع الولادة لعدم امتلاكها كيملك “كتير خايفة ما تظبط الولادة بمشفى الخاص، وإذا ما تأمنت ولادتي بالخاص ما بعرف لوين بدي روح وشو ساوي… ولما بروح على مستوصف سوري بيطلبوا مني كيملك وما معي”.

وللحصول على بطاقة الحماية المؤقتة يتقدم اللاجئ إلى مركز إدارة الهجرة في المدينة المقيم فيها.

وطالبت المديرية العامة لإدارة الهجرة التركية عام 2016 السوريين الخاضعين لنظام الحماية المؤقتة الحصول على إذن سفر للتنقل بين الولايات التركية، ولا يمكن استخراج إذن السفر بدون كيملك، وفي حال السفر دون إذن قد يعرّض الشخص للمساءلة القانونية.

المحامي قرنفل أشار إلى أنّ “ما هو غير قانوني لا يمكن قوننته”، فعندما تحصل سلسلة من الأخطاء والتجاوزات في القوانين التركية تتسبب بمشاكل غير متوقعة، موضحاً أنّ العديد من الولايات تسمح للسوريين باستخراج الكيملك، وحتى أولئك الذين دخلوا البلاد بطريقة غير شرعية، باستثناء البعض.

القانون التركي!

الزواج تحت السن القانوني مخالف للقوانين التركية التي تمنع تزويج الفتيات تحت سن الـ 18، وتعتبره جريمة جنسية، ويكون حكمها عقوبة السجن من 8 وحتى 15 عاماً وفق المواد ( 103 – و104 – و105) من قانون العقوبات التركي.

وعرّف قانون حماية الطفل في تركيا رقم ( 5395 ) كل شخص دون الـ 18 بأنه قاصر،  ويعتبر القانون التركي الزواج المبكر للفتاة ما دون سن الـ 18 جريمة اعتداء جنسي على قاصر، وفق قرنفل، وفي مثل هذه الحالات وأثناء ولادة الطفلة ربما يبلّغ المستشفى النيابة العامة التركية، التي تقوم بتحريك الدعوى، ما يؤدي إلى توقيف الزوج وولي أمر الفتاة، لإحالتهم إلى القضاء.

مديرة العلاقات العامة في مستشفى حاتم الخاص بمدينة غازي عنتاب، زردين دورمان، تقول لـ”روزنة”: “أي سيدة تراجع المستشفى لأجل الحمل أو الولادة وبدون كيملك، من غير حالة إسعافية، لا يتم استقبالها، لكن يختلف الأمر عند إسعافها حيث يتم التدخل مباشرة بعلاجها دون السؤال عن كيملك، كأن تكون في حالة نزيف أو حالة خطرة”.

وأضافت دورمان، أنّه بعد علاج الحالة الإسعافية، تقوم إدارة المستشفى بطلب الوثائق المطلوبة، وفي حال عدم وجود كيملك يتم تبليغ النيابة العامة بذلك، وهذا الأمر يتم تطبيقه على السيدات بعموم تركيا وليس فقط على الأجنبيات، وفي حال كانت السيدة حاملاً أو بحالة ولادة دون الـ 18 سنة، يتم تبليغ النيابة أيضاً.

المحامي حذر السيدات اللواتي على وشك الولادة ولا يمتلكن بطاقة حماية مؤقتة من الولادة في المنزل، لما يترتب عليها مشكلات أخرى، مثل عدم القدرة على تسجيل الطفل في النفوس إلا بوجود وثيقة، وأكّد على السوريين ضرورة الالتزام بالقوانين التركية تفادياً لوقوع المشكلات، ولا سيما الزواج تحت السن القانوني، وشدد أنّ وجود كيملك هو مدخل الإجراءات القانونية على الأراضي التركية.

ماذا تعني الحماية المؤقتة؟

وبحسب موقع  “الأمم المتحدة” في تركيا يتم توفير الحماية المؤقتة من قبل الحكومة التركية للسوريين الذين جاؤوا إلى تركيا بسبب الحرب بعد 28 نيسان 2011، موضحةً أن إدارة الهجرة هي الهيئة الحكومية المسؤولة عن جميع إجراءات اللجوء بتركيا، بما في ذلك نظام الحماية المؤقتة.

وأشارت الأمم المتحدة إلى أنّ نظام الحماية يضمن مجموعة من الحقوق والخدمات والمساعدة للمستفيدين من الحماية المؤقتة، ويشمل ذلك، (الحصول على الخدمات الصحية والتعليمية والمساعدة الاجتماعية والدعم النفسي والوصول إلى سوق العمل).

وأضافت أنه “يتم قبول السوريين وعديمي الجنسية القادمين من سوريا، الذين يطلبون الحماية من السلطات التركية، ولا تتم إعادتهم إلى سوريا في ظل الظروف العادية ما لم يطلبوا أنفسهم أن يفعلوا ذلك”.

وبيّنت الأمم المتحدة أن “الأفراد الذين يسعون للحصول على الحماية المؤقتة لا يعاقبون لدخولهم تركيا بطرق غير شرعية أو غير قانونية، طالما أنهم توجهوا للسلطات التركية بأنفسهم خلال فترة زمنية معقولة وقدموا سبباً وجيهاً لدخولهم غير القانوني أو إقامتهم غير النظامية في البلاد”.

أعدّت هذه المادة بدعم من “JHR” ( صحفيون من أجل حقوق الإنسان) وبتمويل من برنامج عالم كندا Global Affairs Canada ، 

%d مدونون معجبون بهذه: