نوفمبر 7, 2019 syr data

هل تخشى بعض منظمات المجتمع المدني “الشفافية”؟

هيومن فويس

تعتبر منظمات المجتمع المدني من أبرز المعطيات التي ولدت في سوريا خلال السنوات الماضية، وتنامت وظيفة وأهمية هذه الفعاليات بشكل متزايد مع الأمد الزمني الطويل للحرب السورية، وواجهت أزمات إنسانية معقدة، زاد في مصاعبها حملات التهجير لعشرات آلاف السوريين، لتقوم تلك المنظمات بمهام واسعة لمعالجة أكبر قدر ممكن من السوريين.

ولعل الغاية الأساسية لولادة منظمات المجتمع المدني في سوريا، مد جسر إنساني للسوريين المنكوبين، وتنفيذ مشاريع حيوية تساعدهم في لملمة جراحهم، وسط غياب جدول زمني حقيقي لإنهاء الصراع في البلاد، بالإضافة إلى تشكيل نوع من الرقابة على آلية تنفيذ المشاريع.

ولكن اللافت للانتباه من خلال عمليات الاحصاء والاستبيانات التي أجراها فريق هيومن فويس مؤخراً، تبين بان عدداً من منظمات المجتمع المدني، اتخذت طرقاً في المماطلة ورفض التعاون مع جهة إعلامية، بشكل يتناقض مع مع أساس وجود هذه المنظمات وماهية عملها وتقبلها للعمل الصحفي.

فريق هيومن فويس، حاول التواصل مع عينة من المنظمات المجتمع المدني في الشمال السوري، للحصول على استبيانات واحصائية دقيقة، تعكس مدى تفاعل المستفيدات السوريات من نشاط المنظمات، وما هي طرق الخدمات وآلية تقديمها للمستفيدات، ولكن بعض من المنظمات التي توجهنا إليها، كانت تجاوبها ضعيفاً ورافضاً لتقديم خطوات إيجابية في هذا العمل.

وتقول “سما مسعود” إحدى القائمات ضمن فريق الاستبيان في “هيومن فويس”: أساس الصعوبة التي واجهناها خلال تغطية نشاطات منظمات المجتمع المدني العاملة بالشمال السوري، هي رفض بعض هذه المنظمات للتعاون مع العمل الصحفي بما يخص الاستبيانات التي تقيس مدى تفاعل المستفيدات من عملها ونشاطها.

وتضيف، لا أدري السبب الحقيقي لمثل هذه التصرفات، ولكن بعض المنظمات العاملة خاصة في مجال تمكين المرأة أبدت تخوفاً وحساسية كبيرة من موضوع الاستبيان أو التواصل مع المستفيدات بشكل مباشر فكانت تحصر اللقاء مع الإدارة حصراً، وكأن شيئاً خفياً يجري لايودون اطلاعنا عليه.

وبعض القائمين على المنظمات العشوائية التي قصدناها بشكل عشوائي، عمل على تسويف قبوله بدء الاستبيان أو رفضه لمدة فاقت العشرين يوماً، وبعضهم تنصل من الإجابة منذ اللحظات الأولى دون أي توضيح أو حالة إبلاغنا برفض التعاون، فكان التجاهل سبيلهم لتلافي الدخول في هذا العمل.

عائلات من حمص السورية، تم تهجيرها نحو شمال البلاد

وتقول “مسعود”: بعض المنظمات، ربما تكون ذات نشاط وهمي، حقيقة لديها جدول أعمال وهمي وأسماء وهمية لمستفيدات من عملها وميزانية حقيقية لمثل هذه النشاطات الوهمية، ومثل هذه المنظمات رفضت بعض التقارير التي عملت على إنجازها بسبب هذا النوع من المنظمات التي أبدت أيضاً تعاوناً وهمياً.

وهم لم يرفضوا بشكل واضح التعامل مع الاستبيان لكنهم توقفوا عن الرد على الرسائل المتعلقة بالاستبيان، علماً أن هذه الردود السلبية تضرب مصداقية هذه المنظمات وبل ستصبح تهديد حقيقي لسير العملية الديمقراطية الحرة في سوريا، وفي ذات الوقت تشكل عائقاً أمام المنظمات الأخرى التي ترغب بدخول ساحة العمل داخل حدود البلاد.

واللافت هنا، أننا من كل 4 منظمات مجتمع مدني، تحدثنا إليها حول آلية الاستبيان، واجهنا حالة رفض واحدة، والحجة كانت “الإنشغال وضغط العمل”، ومنظمتان من كل 4 منظمات تجاهلوا القضية من أساسها، ولم يعيروا العمل أي أهمية، أو ربما هكذا كان الظاهر.

وتعد منظمات المجتمع المدني، أحد أعمدة الدول الديمقراطية الثلاث، وهي مؤسسات حكومية – مؤسسات خاصة ومنظمات المجتمع المدني، والتي هي في المتتصف تماماً، لاهي تناضل لأجل الأنظمة السياسية ولا لأجل المنفعة الخاصة، بل لاجل المجتمع بداته لاجل نهوضه واستمرار عملية النهوض والتقدم.

أما “اسماء السعيد”، وهي من الزملاء المشاركين ضمن فريق الاستطلاع، فتقول من جانبها: بعض منظمات المجتمع المدني الذين تواصلنا معهم، قبلوا فكرة العمل بعد استفسارات كثيرة وضعوها بادئ الأمر، ولكن بعد الموافقة اعتمدوا طريقاً آخر لإفشال المشروع من خلال تسويف عمل الاستبيان إلى عدة أسابيع، ومن ثم تقديم المطلوب بالتقطير وبدون أي اهتمام.

بل أن بعض منظمات المجتمع المدني، اعتبرت بأن العمل “استخباراتي” ويهدف لكشف أعماق المنظمة، وهذه من أحد الأسباب التي أعاقت العمل الإعلامي المرجو من عملية الاستبيان والاحصائيات للمستفيدات من منظمات المجتمع المدني العاملة في الشمال السوري.

لعل الصعوبات المتراكمة التي واجهت فريق الاحصاء مع بعض منظمات المجتمع المدني، تطرح العديد من الأسئلة والاستفسارات حول الدوافع التي أخافت تلك المنظمات من قراءة ما بين سطورها عبر الاستطلاعات والاستبيانات للسوريات المستفيدات، فهل الشفافية هي ما تخشاها بعض المؤسسات المدنية النشطة في الشمال السوري؟ أم أنها تفضل الإنغلاق على فتح نوافذ التقييم لأدائها وآليات عملها في الداخل السوري؟

تم انتاج هذه القصة الحقوقية بدعم من منظمة “صحفيون من أجل حقوق الإنسان “JHR ومؤسسة دونر الكندية
%d