أبريل 20, 2021 syr data

مركز طبي يخدّم آلاف السوريين في كلس مهدّد بالإغلاق

راما نعناع- الغربال

يراجع “محمد وليد حيّاني” (63 عاماً) المركز الطبي التابع لمنظمة “الأطباء المستقلّين” (ida) في مدينة كلس التركية بشكل دوري بسبب آلام في الظهر والعمود الفقري يعاني منها منذ عدة سنوات، لكنّه لن يكون قادراً على ذلك بعد شهر أبريل / نيسان القادم، لأن المركز مهدّد بالتوقّف عن العمل، ما سيحرم آلاف السوريين المقيمين في المدينة من الخدمات الطبية التي يقدّمها، وخاصة أن معظم سكان المدينة من السوريين يفضّلون زيارة المراكز التي يقوم عليها سوريون، بسبب عائق اللغة، وطول مدة الانتظار على أبواب المراكز التركية.

يقول “حياني” لمجلة “الغربال” إنّه تأثّر كثيراً عندما سمع أن المركز الواقع في حي “بيش إيفلار” والذي يقدّم الخدمة الطبية لعشرات السوريين يومياً سيتوقّف عن العمل، ويشير إلى أن الخبر مؤسف كون المركز يقدّم خدمات طبية ذات جودة عالية، والقائمون عليه من أطباء ومعالجين فيزيائيين هم من ذوي الكفاءة العالية، ولديهم اهتمام كبير بالمراجعين من الأطفال والنساء وكبار السن، وبخاصة ذوي الاحتياجات الخاصة.


المسؤول الإعلامي في منظمة الأطباء المستقلين ياسر محمد علي يؤكد لـ”الغربال” خبر إغلاق المركز الذي يقدّم خدمات الدعم النفسي والعلاج الفيزيائي، وذلك بسبب توقّف التمويل المقدّم من “الجمعية الألمانية للتعاون الدولي” (giz) على حد قوله، ويبيّن أن هذا سيشكّل مشكلة كبيرة للسوريين المقيمين في المدينة، وخاصة أنها تحوي عدداً كبيراً من الجرحى والقادمين من سوريا بهدف العلاج، لقربها من باب السلامة الحدودي، مشيراً إلى أن المركز كان له الكثير من التجارب بإعادة الحركة لمصابين في العمود الفقري والأطراف.

يضيف “محمد علي” أن المركز يقدّم بشكل مجاني خدمات العلاج الفيزيائي وإعادة تأهيل الإعاقات الحركية، والدعم النفسي والاجتماعي لجميع الحالات بالإضافة لمرضى العلاج الفيزيائي وذويهم والقائمين على رعايتهم، كما يقدّم الأدوات المساعدة والأجهزة الطبية للمرضى، من كراسي متحركة وعكّازات ومشدات جبائر، ومقومات، وهو مزّود بأحدث المعدات الطبية والتقنية بإشراف نخبة من الأخصائيات والأخصائيين.

المركز قدّم خلال عام 2020 فقط بحسب “محمد علي” ما لا يقل عن  8872 جلسة علاج فيزيائي لـ980 مريضاً، وما لا يقل عن 11024 جلسة دعم نفسي واجتماعي، وما زال يستقبل يومياً ما لا يقل عن 70 مراجعاً بشكل يومي، معظمهم من النساء، كما يقدّم في الوقت نفسه خدمات النقل لغير القادرين على زيارة المركز، إذ خصّص سيارات تنقل المريض من بيته إلى المركز وبالعكس.

وبدورها تقول مقدمة الدعم النفسي والاجتماعي في المركز نور الهدى دع لـ”الغربال” إن معظم مراجعي قسم الدعم النفسي هنّ من النساء وخاصة من المراهقات، ويقدّم  المركز لهن إلى جانب الجلسات داخل المركز جلسات توعية أخرى حول العنف وبناء الثقة وإدارة الضغوطات والتعامل مع المراهقين وذوي الاحتياجات الخاصة، وبالنسبة للجلسات الفردية أكثر مراجعيها هم من الإناث، وأكثر شكاياتهن تكون ناتجة عن اضطرابات ما بعد الصدمة والهوس والاكتئاب وذلك نتيجة الظروف التي عشنها في سوريا والأوضاع التي رافقتهن في تركيا، وفقد أفراد العائلة أو الأقارب، والإصابات التي تعرّضن لها نتيجة القصف.

تؤكد “دع” على ضرورة مثل هذا المركز في مدينة كلّس بسبب عدم وجود مراكز أخرى ما عدا مركز آخر تابع لـ”اتحاد منظمات الرعاية الطبية والإغاثة” (UOSSM)، ولحجم الخدمات التي يقدّمها، وأهمية الدعم النفسي للاجئين الذين شهدوا حوادث الحرب وما زالت ترافقهم آثارها، واستمرار قدوم الحالات إلى المدينة من المناطق الواقعة شمال غربي البلاد، والتي تسيطر عليها قوات المعارضة السورية.


وبحسب المرشدة النفسية فإن المركز يقدّم خدمة إضافية إلى جانب الدعم النفسي والعلاج الفيزيائي، وهي التدخل في الأحوال الطارئة، وقدّم للكثير من مرضى السرطان خدمة المواصلات إلى مستشفيات تقدّم علاج السرطان، كما أمّن سماعات ونظارات لمرضى سوريين، بعد أن قدّم طلباتهم للجهة المانحة، كما يقدّم خدمة الإحالة للنساء المعنّفات إلى لجنة قانونية، ويتابعها بعد تلقّي تلك الخدمات.

ويعيش في مدينة كلس أكثر من 104.925 من السوريين بحسب إحصائيات رسمية، لكن هذا العدد يبقى غير دقيق بسبب وجود كثير من اللاجئين لا يملكون بطاقة “الكملك” (الحماية المؤقتة)، وهناك آخرون غير مسجلين في دائرة نفوس المدينة، بينما تستقطب المدينة آخرين من المقيمين في ولايات تركية بعيدة بسبب بساطة المعيشة فيها، وقربها من الحدود السورية.

ولا يتوافق إغلاق المركز مع المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي قال إن “لكلِّ شخص حقٌّ في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهة له ولأسرته، وخاصَّةً على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية وصعيد الخدمات الاجتماعية الضرورية، وله الحقُّ في ما يأمن به الغوائل في حالات البطالة أو المرض أو العجز أو الترمُّل أو الشيخوخة أو غير ذلك من الظروف الخارجة عن إرادته والتي تفقده أسباب عيشه”.

تمّ إنتاج هذه المادة الصحفية بدعم من “JHR”صحفيون من أجل حقوق الإنسان” بتمويل من برنامج عالم كندا Global Affaris Canada

%d