هيومن فويس – خاص
أن تعيش الموت مرة أهون بكثير من أن تعيشه كل يوم ألف مرة، ومع كل إشراقة صباح تبدأ ساعات موت جديدة، بهذه العبارة إنطلق بحديثه “خالد المحمود” عن الأوضاع الإنسانية القاسية في تلك البقعة الجغرافية المقطوعة عن العالم الخارجي، والمحاصرة من قبل ثلاث جهات محلية ودولية منذ أشهر.
مخيم الركبان، وهو مخيم عشوائي يضم بين حناياه مئات العائلات السورية النازحة، ويقع ضمن المنطقة الحدودية المنزوعة السلاح بين سوريا والأردن، ويقع المخيم أيضاً، قرب قاعدة للقوات الأميركية في جنوب شرق سوريا في التنف على الحدود العراقية السورية وآلاف السوريين الذين بداخله، هربوا من ممارسات تنظيم الدولة شرق سوريا، بحثاً عن الأمان لأطفالهم بين الرمال ووسط الصحراء.

خيم تعود لعائلة سورية نازحة في مخيم الركبان
ويعاني المخيم، الذي يعتصم المحاصرين بداخله منذ أيام، من أوضاع إنسانية بالغة الشدة، فالأغذية تكاد تنفذ، والمياه غير صالحة للشرب إلا القليل منها، وحالات مرضية تتضاعف، فيما وثق فريق “منسقي الاستجابة” الإنساني وفاة 14 مدنياً بينهم أطفال في مخيم الركبان خلال الأسبوعيين الأخيرين، وذلك نتيجة للأوضاع السيئة والرعاية الطبية الضئيلة، كما طالب فريق الإستجابة، بممارسة ضغوط من قبل الجهات الدولية بهدف إجبار روسيا والنظام السوري على رفع الحصار عن المخيم، وتقديم المساعدات للعائلات التي تقطن المخيم.
تتراوح أعداد سكان المخيم ما بين 50 و60 ألف نسمة، وفق ما قالته مصادر محلية لـ “هيومن فويس”، أما الحالات المرضية ما يقوله الصحفي “سعيد سيف” فتجاوزت عتبة الثلاثة آلاف حالة مرضية بين النساء والرجال، أما الأطفال، فالحالات الموثقة تقترب من من حاجز الألف طفل مريض.

المياه الملوثة والتي تستخدم في الخدمات المعيشية داخل مخيم الركبان
يذكر أن مخيم الركبان، يخضع لحصار خانق، منذ شهر حزيران الماضي، عقب إغلاق المنفذ الواصل إلى الأردن بضغط روسي، وإغلاق طريق الضمير من قبل قوات الأسد، لتزيد معاناته بإغلاق منظمة “يونيسف” للنقطة الطبية منذ أسابيع، دون توضيح الأسباب.

تجمهر المدنيين للحصول على الماء
الأمراض المزمنة في المخيم، وفق ما قاله الصحفي “سعيد سيف” لـ “هيومن فويس”: فهي كبيرة للغاية وتقدر بـ 1700 حالة مرضية، والماسة منها لدخول المشافي بشكلاً عاجلاً فهي 150 حالة إسعافية.

صيدلية مخيم الركبان، تظهر مدى العجز في الخدمات الطبية
ونوه المصدر إلى وجود معاناة كبيرة للكادر الطبي القليل والذي يسعى بجهد عظيم لسد أكبر قدر من الاحتياجات وفق الإمكانيات المتاحة والتي تعتبر شحيحة للغاية.
كما نوه مصدر طبي في المخيم إلى وجود معاناة كبيرة في الجانب عمليات الولادة، وخاصة العمليات القيصرية، والتي تعتبر خطراً كبيراً يلامس حياة السيدات في المخيم خلال الأشهر الماضية، ووجود أعداد من الأطفال لم تتلقى اللقاحات جراء الأعداد الكبيرة لهم في المخيم، وسط تقاعس أممي عن تقديم الخدمات الطبية اللازمة.

أطفال يترقبون لحظات الأمل
الجانب الغذائي، فالمواد الغذائية الموجودة في المخيم قد تكفي لمدة لا تتجاوز الأسبوع في أحسن الأحوال، بعد انقطاع المساعدات عن المخيم منذ أكثر من 9 أشهر، مما أدى إلى وفاة عدد من الأطفال بسبب سوء التغذية وتشير بعض المصادر، إلى إن الأردن لم يستجيب للمناشدات الإنسانية المطالبة بإدخال الحالات المرضية إلى أراضيه وتقديم المساعدات الإنسانية، وسط تجاهل دولي للخطر الذي يهدد حياة قرابة 65 ألف مدني حسب المصدر نفسه.

هكذا يلهو الأطفال الصغار في مخيم الركبان على الحدود السورية العراقية
يذكر أن السلطات الأردنية أغلقت حدودها مع سورية في حزيران 2016، وأعلنتها منطقة عسكرية، عقب عملية انتحارية تبناها تنظيم الدولة استهدفت موقعاً عسكرياً حدودياً بالقرب من مخيم الركبان، قتل إثرها سبعة من قوات الجيش الأردني وجرح 13 آخرون.
فيما دعت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” إلى السماح بوصول الخدمات الصحية لعشرات آلاف السوريين العالقين في مخيم الركبان على الحدود الأردنية السورية.

نظرات الأمل بحياة أفضل لا تغيب عن الأطفال في مدارسهم
وقال المدير الإقليمي للمنظمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خيرت كابالاري في بيان له الأربعاء: “مرة أخرى، تعود “اليونيسف” لتناشد جميع أطراف النزاع والمؤثرين فيهم، تسهيل وصول الخدمات الأساسية والسماح بها بما فيها الصحية إلى الأطفال والعائلات”.
وأضاف أنه في الساعات الأربع أيام الماضية توفي طفلان آخران، رضيع عمره خمسة أيام وطفلة عمرها أربعة أشهر في الركبان قرب الحدود الشمالية الشرقية للأردن مع سوريا، حيث الوصول إلى المستشفى غير متاح.

أطفال مخيم الركبان.. والصورة تتحدث
يذكر أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفق المادة 25، يؤكد أن
١ – لكلِّ شخص حقٌّ في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهة له ولأسرته، وخاصَّةً على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية وصعيد الخدمات الاجتماعية الضرورية، وله الحقُّ في ما يأمن به الغوائل في حالات البطالة أو المرض أو العجز أو الترمُّل أو الشيخوخة أو غير ذلك من الظروف الخارجة عن إرادته والتي تفقده أسباب عيشه.
٢ – للأمومة والطفولة حقٌّ في رعاية ومساعدة خاصَّتين. ولجميع الأطفال حقُّ التمتُّع بذات الحماية الاجتماعية سواء وُلِدوا في إطار الزواج أو خارج هذا الإطار.

أحد ابناء مخيم، ومحاولة البحث عن الإستقرار وسط الصحراء