يوليو 19, 2023 syr data

سوريات يعملن في وسائل إعلام عربية وتركية رغم ظروف اللجوء

على الرغم من حصول المرأة السورية في تركيا على معظم حقوقها في العمل في كثير من المجالات، إلا أن عملها في مجال الإعلام لايزال تعترضه الكثير من الصعوبات، كما أن وصولها لإدارة المؤسسات الإعلامية تعترضه عوائق وتحديات، إما من قبل المجتمع الذكوري، أو بسبب طبيعة التعامل في مجال الإعلام.

تحديات ومصاعب

صعوبات كثيرة تواجه الصحفيات السوريات  في تركيا على أصعدة مختلفة، منها ما يرتبط بظروف اللجوء وتحدياته، فيما يرتبط بعضها الآخر بظروف العمل الإعلامي والتعاطي مع الصحفيات من قبل إدارات المؤسسات الإعلامية، وعلى الرغم من هذه الصعوبات تتغلب العديد من الصحفيات على هذه الظروف لتثبت نفسها في المؤسسات الإعلامية السورية منها والعربية وحتى التركية.

يرى مدير تحرير  إذاعة صوت العاصمة أحمد عبيد “أن هناك العديد من الصعوبات التي تواجه المرأة العاملة في المجال الإعلامي، أبرزها الشروط التي تفرضها معظم وسائل الإعلام من خبرات في العمل الميداني، وهو ما يصعب على المرأة تحقيقه.”، وأضاف عبيد لموقع صدى الشام: “هناك الصعوبات التي تواجهها الصحفية خلال ممارسة العمل، سواءً كان بالتواصل وتوفير المصادر، أم في الانتقادات والإساءة التي توجه لها أثناء التواصل مع البعض، وفي النظرة العامة للمجتمع.
ويختم حديثه بقوله “اليوم في ظل التسويق الإعلامي عبر السوشال ميديا هناك عشرات التعليقات السلبية التي نشاهدها جميعاً على مختلف المنصات أو حتى على الحسابات الشخصية للصحفيات والإعلاميات”.

فيما تنص المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه، لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود.

أما الصحفية نيفين دالاتي التي تعمل في تلفزيون سوريا فقد أكدت لموقع صدى الشام “أنه على الرغم من توجه العديد من المؤسسات الصحفية لتحقيق توازن جندري ضمن المؤسسة، إلا أنه للأسف ما يزال يتم التعامل مع الصحفية على أنها امرأة فقط، وغالباً ما يتم التقليل من قدراتها”، وفسرت هذا التعامل على أنه “عائد لنظرة المجتمع والموروث الثقافي عنها بأنها “كائن هش وضعيف”، ولا يمكن لها أن تنافس الرجل، وبالتالي وكي تظفر بوظيفة في هذا المجال يتطلب منها أن تثبت نفسها بشكل مضاعف كي تقنع جهة العمل أنه يمكن لها أن تحقق إنجازات، وحتى عندما تنجح بالانخراط في العمل الإعلامي تبقى صحافية من “الدرجة الثانية”، وغالباً ما تكون مستثناة من المناصب الإدارية وغيرها من الميزات والفرص التي يستأثر بها الزملاء الصحفيون، رغم أنها تقدم نفس الإنتاج بل وقد تتفوق فيه على زميلها الرجل وتابعت كما تعاني المرأة من عدم توفير خدمات رعاية أطفال داخل المؤسسة للأم العاملة”.

فيما بينت أروى الباشا وهي صحفية سورية تعمل في وسيلة إعلام تركية لموقع صدى الشام “أنه بعد الثورات التي قامت  في العالم العربي انكسر حاجز التمييز بين الذكر والأنثى ولم يبق هناك رفض لعمل المرأة بين الرجال”، وتابعت “خلال عملي في مجال الإعلام منذ بداية 2009 حتى الآن لم أواجه موضوع تمييز أو أن يطلب من محرر أن يكتب تقريراً دون عن محررة، دائماً يكون التقييم على نوعية المادة وجودتها والقيمة لها.”
وأضافت: “في بعض المؤسسات أحياناً يتم تجاهل خبرة المرأة ودراستها مقابل اختيار صحفيات أو شابات للعمل في مجال الإعلام وخاصةً في مجال التقديم التلفزيوني ليس لديهن أي خبرة أو شهادة أو مؤهل فقط يتم اختيارهن على أساس الشكل والجمال، أو على أساس العلاقات واعتبارات لا تتعلق بالخبرة فهنا يمكن أن تظلم المرأة من امرأة أخرى فليس من الضروري أن يكون الظلم من قبل رجل أو على حساب تفضيل زميل آخر”.

يرجع الاختصاصي الاجتماعي عادل قطف إلى “العقد المجتمعية المتمثلة بالعادات والتقاليد” أنها أهم أسباب تلك التحديات التي تواجه الصحفيات السوريات، ويشير في حديثه لموقع صدى الشام “أن فرض الكثير من المؤسسات الإعلامية سـاعات عمـل لا تلائم النسـاء، واتباعها سياسات توظيف تمييز بينها وبين الصحفيين بالرواتـب والزيادات والترقيات، وغيرهـا مـن الأمـور الوظيفية هي تحديات إضافية تواجه الصحفيات، بالإضافة إلى بيئة ومكان العمل، والتحرّش اللفظي والجسدي، وخوفها من فقدان الزوج، وتكليفها بمهام قد لا تستطيع القيام بها”.
ونوه قطف إلى وجود معوقات يجب أخذها بعين الاعتبار وهي الصعوبات المحفوفة بالمخاطر التي من الممكن أن تتعرض لها المرأة خلال تنقلها أو جمعها للمعلومات، كما أن عدم تفهم الزوج طبيعة عمل الصحفية قد يؤدي في بعض الأحيان إلى فشل العلاقة الزوجية .

نسب غير عادلة 

وعن نسبة الصحفيات في المؤسسات الإعلامية بين الأخصائي الاجتماعي يتحدث قطف “رغم التقدم الملحوظ الذي شهده المجال الإعلامي بالنسبة للمرأة السورية إلا أن نسبة العاملات في هذا المجال مازالت متدنية حيث أنها لم تتجاوز الـ 30% أو أكثر قليلاً، وهي مقارنة لما كانت عليه قبل الثورة تعتبر إنجازاً كبيراً”.

فيما بينت الصحفية  دالاتي أن “المرأة تشغل النسبة الأقل من أعداد العاملين في هذا القطاع”، وتابعت “أعتقد أن هذا الأمر ينساق على معظم الجهات ليست السورية فقط بل حتى العربية، أما السبب الرئيسي فهو عائد إلى أن مشاركتها في سوق العمل بالعموم أقل من الرجل، إلى جانب ضعف الثقة بها و بقدراتها، وقد لا تفضل بعض المؤسسات توظيف المرأة “المتزوجة” التي قد تتغيب عن عملها إن رغبت الإنجاب”.

تؤكد ذلك الصحفية عائشة صبري  المقيمة في تركيا في حديث لموقع صدى الشام عن تجربتها في مجال الإعلام قائلةً “أن نسبة الإناث دائماً أقل من الذكور في المؤسسات الإعلامية”، إلا أنها ترى أن قلة هذه النسبة، ليس بسبب شروط تمييزية لدى المؤسسات، فمعظم المؤسسات الإعلامية باعتقادها لا تضع شرط الجنس للوظيفة ولا تميز بين الجنسين، ولكن القبول يكون حسب الخبرة العملية والكفاءة المطلوبة.

من جهتها ترى الصحفية الباشا من خلال عملها في المؤسسات أنه لم يكن هناك فرق بين عدد الإعلاميات وعدد الإعلاميين، ولم يكن الإختيار حسب الجنس، وتضيف “في السنوات الأخيرة أصبح هناك وعياً أكثر، وأصبح هناك دورات إعلامية جندرية متخصصة تشرف عليها منظمات أوروبية للتوعية بموضوع مساواة المرأة والرجل في مجالات العمل المختلفة وخاصةً في مجال الإعلام”.

ويعود ذلك من وجهة نظر صبري إلى “الإنفتاح على الحرية الذي حدث خلال سنوات الثورة السورية، سمح للمرأة أن تدخل هذا المجال بشكل أكبر من قبل، خاصة أن النظام السوري كان يحد من عمل المرأة، التي أصبح لها وجود أكثر كماً ونوعاً عن السابق في وسائل الإعلام المختلفة”.

فيما يعتقد مدير التحرير عبيد “أن هناك توزاناً كبيراً بين عدد الذكور والاناث في وسائل الأعلام المرئية والإذاعية مثل القنوات التلفزيونية والراديو”، لكنه يرى أن نسبة السيدات في المواقع الإخبارية المحلية لا تزيد عن 25 بالمئة في أفضل الحالات.
والسبب برأيه أن معظم المواقع المحلية لا تعمل بنظام مؤسساتي صحيح، ويكون فيها السلطة المطلقة في إصدار القرارت لمدير الموقع، بالتالي غياب مجالس الإدارة منها، وعدم مشاركة أي عنصر نسائي في القرارات يهمش دور المرأة بالتأكيد.

قيمة مضافة

وعن القيمة المضافة التي يعطيها عمل المرأة في مجال الإعلام قال عبيد “العنصر النسائي في العمل الإعلامي مهم جداً، وبالتأكيد عملهن يعطي المواد الإعلامية قيمةً إضافيةً، وهذا يختلف باختلاف طبيعة العمل. و أعتقد أن تميز الشخص في عمله هو الذي يعطي القيمة المضافة للعمل بصرف النظر عن جنسه.لكن لدينا أمثلة كثيرة عن القيمة التي أضافتها المرأة سواء كان في البرامج التلفزيونية أم الإذاعية، إضافةً للتجارب الاجتماعية التي يتم إعدادها مؤخراً”. وأشار عبيد أن: العامل الأبرز والأهم هو الاهتمامات والتوجهات، فبالتأكيد هناك مواد صحفية مهمة جداً تم نشرها عبر وسائل الإعلامية البديلة لا يمكن للصحفيين تنفيذها، أو ربما لا تخطر على بال الغالبية العظمى منهم، لكن اهتمامات الصحفيات هو ما ساعد في تسليط الضوء على هذه القضايا والمواضيع.

فيما ترى دالاتي: أن القيمة المضافة لعمل المرأة في مجال الإعلام هو الكشف عن قضايا المرأة في مجتمعها وتسليط الضوء عليها أكثر، كما أن المرأة تتفوق على الصحافي بقدرتها على طرح ومعالجة قضايا ذات صبغة إنسانية.

أما صبري فترى أن عمل المرأة مهم في مجال الإعلام  لأن لا أحد يمكنه وصف معاناتها مثل ما تصفه الصحفية الإعلامية كما أنها تشجع النساء على طرح مشكلاتهن على الإعلام والمشاركة بتصريحاتهن  ومشاركتهن في الوسائل الإعلامية.

فيما تعتقد الباشا أن القيمة المضافة لعمل المرأة في مجال الإعلام تتمثل بانتقالها من شخص متأثر  إلى شخص مؤثر، بمعنى أنها يصبح لديها وعي وإدراك مختلف عن الناس الآخرين، عندما تتلقى أي معلومة أو خبر ، فهذا الشيء بالنسبة لي كان أساسياً في تجربتي لأنني لا أصدق كل ما يقال قبل أن أتحرى وأتأكد منه بهذا يكون الإنسان مؤثراً على الناس بشكل إيجابي يتأثرون بشخصيته وبعمله، وهذا كله يعطي للمرأة قيمةً اجتماعيةً ويحولها إلى قائد رأي.

دور الرأي العام
بينت دالاتي أنه بالنسبة لدور الرأي العام هو دعم النساء والرجال المؤيدين لحقوق المرأة، من أجل تغيير النظرة النمطية لدورها في المجتمع كأم ومربية فقط، ومواجهة أي خطاب يحدّ من قدراتها، ويؤثر سلباً على تقبلها في قطاعات العمل عموماً ومن بينها الإعلام، والتوعية بأهمية حضورها في المشهد الإعلامي.

فيما ترى الصحفية عائشة صبري المقيمة في تركيا في حديثها لموقع صدى الشام “أن الرأي العام دائماّ يحاول إنصاف المرأة لكن رغم ذلك في مجتمعاتنا نجدها مظلومة بسبب الموروث الشعبي الذي يحرم على الأنثى ما يبيحه للذكر، رغم أن الجنسين سواء في الدين من حيث الواجبات والعقوبة والثواب”.

ويرجع قطف السبب في ذلك إلى الرأي العام والدور الكبير الذي يلعبه في تغيير الصورة النمطية التي رسخت في أذهان المجتمعات العربية والسورية على وجه الخصوص ، ويتم تغيير تلك النظرة من خلال نشر التوعية وإبراز النجاحات التي حققتها المرأة في هذا المجال بالإضافة إلى التوعية الأسرية التي يتم من خلالها إبعاد الأطفال عن العادات والأفكار السلبية تجاه المرأة، كما أن الرأي العام بإمكانه تسليط الضوء على أهم التحديات التي تواجه المرأة في عملها الإعلامي والعمل على إزالتها مثل توفير الأمان للمرأة الإعلامية في أثناء تغطيتها، ومساعدتها في الحصول على الترقية بعملها.

زملاء العمل 

من جهته يرى الصحفي أحمد الديري الذي يعمل في تلفزيون سوريا لموقع صدى الشام بأن العمل في الصحافة يعد من “أخطر المهن”، ويوضح أن “عمل النساء في هذه المهنة يعتبر مكمل للرجل وفي كثير من الأعمال يكون عمل المرأة في الصحافة محوري وأساسي، ولا يمكن التخلي عن هذا الشق ، فمن غير المعقول أن تجد دولة أو قرية فقط رجال، سيكون المجتمع مختل لذلك يعطى عمل المرأة في مجال الإعلام قيمةً مضافةً عاليةً للعمل”.
فيما يصف عن علاقته مع الزميلات الجيدة ويقول “لا أجد صعوبةً في التعامل مع الزميلات  فنحن زملاء عمل ومهنة”.

فادية سميسم – صدى الشام

تم إنتاج هذه المادة الصحفية بدعم من “JHR“ صحفيون من أجل حقوق الإنسان

%d مدونون معجبون بهذه: