غمكين محمد- الغربال
تتعرّض “سلمى” (43 عاماً) المقيمة في مدينة غازي عنتاب التركية للتعنيف من قبل زوجها بشكل مستمر، وزاد من الأمر وجوده إلى جانبها بشكل دائم بسبب الحظر الذي فرضه انتشار فيروس كورونا المستجد، تقول سلمى لمجلة “الغربال” إن زوجها بات عاطلاً عن العمل، ولم يستطع تقبّل مراجعة المستشفى بشكل يومي لمتابعة علاج ابنته التي تعرّضت لحادث سير أثّر على أعصاب قدميها فأفقدها الحركة فيهما بشكل جزئي، فكان يفرّغ كل الضغوط التي تواجهه بي ويضربني بشكل دائم.
تشير “سلمى” إلى أنها صبرت عليه كثيراً من أجل ابنتها، لكنّها قرّرت أن تبحث عن جهة لمساعدتها ومساعدة ابنتها في نفس الوقت فاتصلت بـ”شبكة المرأة السورية” (شمس) عبر أحد الأرقام التي وجدتها في “دليل الإحالة” الذي أصدرته الشبكة في يوم المرأة العالمي بدعم من منظمة “UN Women” ومنظمة “دعم الشعب الياباني” لمساعدة النساء في مدينتي غازي عنتاب والباب بريف حلب، وإحالتهن للجهات المختصة بتقديم المساعدة، لكل سيدة بحسب حاجتها.
وتؤكّد “سلمى” أن الشبكة أحالتها إلى عدة منظمات تمّ الاتفاق معها سابقاً لتقديم الدعم، وأشارت إلى أنها ستختار المنظمة الأقرب، من أجل زيارتها والاطّلاع على الخدمات المقدمة، وخاصة أنها بحاجة لمنظمة تقدّم خدمة المواصلات من أجل نقل ابنتها لتلّقي العلاج في المستشفى كل يوم.
تقول مسؤولة قسم الحماية في شبكة المرأة السورية إكرام ناصيف لمجلة “الغربال” نشأت فكرة الدليل من واقع احتياج النساء السوريات المعنفات لهذه الخدمة وخاصة بعد انتشار جائحة كورونا وازدياد وتيرة العنف المنزلي والمجتمعي وزيادة طلبات المساعدة والدعم من المعنفات التي تلقّتها عضوات الشبكة، وبسبب عدم وجود قاعدة بيانات لمراكز الخدمات التي يمكن أن تقدم المساعدة للناجيات من العنف.
وتشير إلى أن الفكرة تبلورت وصُمم مشروع لإنجاز دليل إحالة يكون أداة لمساعدة الناجيات من العنف للوصول للخدمات الآمنة والموثوقة في مدينتي الباب وغازي عنتاب كخطوة أولى، وتمت الموافقة على تمويله، ووضعت خطة لتنفيذ المشروع وتمّ تعيين خبيرات وخبراء لإنجاز الدليل في شهر سبتمبر / أيلول الفائت، وفور ذلك تم إجراء دراسة استقصائية أولية عن حالات العنف التي تتعرض لها النساء في المجتمعين المستهدفين للوقوف على الاحتياجات والتدخلات الضرورية والممكنة والآلية المتبعة لإحالة الناجيات إلى مراكز الخدمات ومع بداية أكتوبر / تشرين الأول رشحت شبكة المرأة السورية عدداً من الباحثات والمتطوعات للبدء في المرحلة الأولى من إنجاز الدليل وهي تقييم مراكز الخدمات.
وحينها أعدت الشبكة قاعدة بيانات أولية عن جميع المنظمات التي تقدم خدمات للناجيات من العنف في مدينتي الباب وغازي عنتاب وذلك من خلال المصادر المفتوحة، وبلغ عددها 22 منظمة في غازي عنتاب تقدم الخدمات الصحية والنفسية والحماية والخدمات القانونية، وأربع منظمات تقدم الخدمات الصحية في مدينة الباب، ومن ثمّ تم تطوير أداة تقييم خاصة لتقييم مراكز الخدمات قبل اعتمادها وإضافتها إلى الدليل، ثم نظمت المنظمة ورشة عمل لفريق الباحثات لتعريفهن بأداة تقييم الخدمات وتزويدهن بقائمة المنظمات والجهات التي تم تحديدها مسبقاً، بحسب “ناصيف”.
وعن مرحلة البدء بإعداد الدليل تقول “ناصيف” تمّ تجميع كل البيانات في قاعدة بيانات موحدة وتحليلها وتدقيقها وتبويبها من أجل استخدامها في الدليل، ثمّ تواصل المسؤولون مع الجهات مقدمة الخدمات للموافقة على مشاركة بياناتها في الدليل وأخذ موافقتها على تحويل الناجيات إليها، وتمّ تخصيص خطين هاتفيين لاستقبال الاتصالات من الناجيات من الساعة التاسعة صباحاً، وحتى الرابعة بعد الظهر.
ولفتت المسؤولة إلى أنه تم تدقيق الدليل لغوياً وجندرياً، كما تمّت ترجمته إلى اللغتين الإنكليزية والتركية وصدر باللغات الثلاث بمناسبة يوم المرأة العالمي في الثامن من مارس / آذار الجاري، وهو متوفر كنسخة مطبوعة ورقياً، ووزع إلى العديد من المنظمات المهتمة، كما يتوفر كملف PDF على موقع الشبكة والعديد من مواقع التواصل الاجتماعي.
يقول مدير المشروع في منظمة “سند” مثنى الشيخ لمجلة “الغربال” إن المنظمة تقدّم للسيدات المحالات الدعم النفسي والأجهزة التعويضية، لكن هناك أولوية لذوي الاحتياجات الخاصة، كما تقدّم في نفس الوقت جلسات توعوية للسيدات اللواتي لديهن أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، وطرق التعامل معهم، وهناك جلسات لرفع وعي السيدات حول فيروس كورونا وخاصة أمهات الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، وهذا الدعم موجه أيضاَ للأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين تبلغ أعمارهم أكثر من 18 سنة، وهذه الخدمات تقدّم في مراكز سند في سوريا وتركيا.
ويشير إلى أن منظمة سند اتفقت مع شبكة المرأة السورية على تقديم هذه الخدمات لجميع الحالات التي تصل مراكزهم، فيما تعمل المنظمة على تطوير خدماتها بما يتناسب مع الدليل الذي صدر عن الشبكة، بحيث يتم استيعاب جميع الحالات التي تصل المنظمة، وتمكّنها من جميع الخدمات التي تقدّمها، لكن تبقى أولوية المنظمة هي المحالات من ذوي الاحتياجات الخاصة، بحسب “الشيخ”.
ويتماشى هذا الدليل مع المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي قال إن “لكلِّ شخص حقٌّ في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهة له ولأسرته، وخاصَّةً على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية وصعيد الخدمات الاجتماعية الضرورية، وله الحقُّ في ما يأمن به الغوائل في حالات البطالة أو المرض أو العجز أو الترمُّل أو الشيخوخة أو غير ذلك من الظروف الخارجة عن إرادته والتي تفقده أسباب عيشه”.
تمّ إنتاج هذه المادة الصحفية بدعم من “JHR”صحفيون من أجل حقوق الإنسان” بتمويل من برنامج عالم كندا Global Affairs Canada