أغسطس 25, 2020 syr data

حصة الجندر في الإعلام

نجود الهفل
تشكّل وسائل الاعلام صلة الوصل بين الحوادث والناس، فهي تمتلك القدرة على التحكم بما يفكرون به والقرارت التي يتخذونها من خلال المعلومات التي تختار نشرها وكذالك عبر الطريقة التي تتبعها لتغطية تلك المعلومات وترتيب أولوياتها، فكان للإعلام دور في إظهار صورة المرأة وتنميطها، فالكثير من تلك الصور النمطيّة تمثل صوراً سلبية تنعكس على نظرة النساء الى أنفسهن ونظرة الاخرين لهن.
تواصل العديد من وسائل الاعلام تقديم صور نمطية عن النساء بما يحد من إمكانيتهن البشرية، فالعديد من وسائل الإعلام كالتلفاز والأفلام في معظم أنحاء العالم يقدمون صورة غير متوازية عن حياة النساء وهوياتهن وخبراتهن وانجازاتهن المتنوعة في المجتمع، يعود ذلك الى قلة التواجد النسائي في المجال الإعلامي و ضعف تغطية قضايا المرأة في وسائل الاعلام.
و مؤخرًا أثناء فترة تفشي فيروس كوفيد-19 في العالم جعل اتجاه الإعلام بالغالب الى أخبار انتشار الفيروس وعدد ضحاياه وطرق الوقاية منه، فأصبحت المرأة التي كانت الضحية الأولى له بسبب تبعات انتشار الفيروس والإجراءات التي قامت بها الدول من اجل الحد من انتشاره عن طريق إغلاق المدارس والشركات والمؤسسات وفرض الحجر المنزلي، الأمر الذي زاد من العنف الجنساني على المرأة وفقدان الموارد الاقتصادية وأيضاً الرعاية الدائمة للأطفال نتيجة لإغلاق المدارس كل ذلك وأكثر ولكن نادراً ما نجد مواداً أو تغطية إعلامية أوتقارير صحفية كافية لتسليط الضوء على هذه القضايا المهمة.
ففي دراسة بحثية قامت بها منطمة الصحفيين من اجل حقوق الانسان بعنوان “لأننا لسنا ارقام فقط!” حول مساحة صحافة حقوق الانسان في الاعلام السوري بضل كوفيد-19, 08\2020 التي شملت (40) مؤسسة إِعلامية مختلفة شملت الوسائل الاعلامية المكتوبة وكذلك الوكالات السورية الناطقة باللغة العربية، تم تحليل (12356) مادة صحفية مكتوبة مسموعة ومرئية، كما شملت منشورات لوسائل اعلامية وكذلك برامج تلفزيّة.
أظهرت نتائج الدراسة أن نسبة (8.2%) من هذه المواد معد من قبل صحفيات، كما تظهر باقي الدراسة إحصائيات و تفاصيل كل وسيلة إعلامية وكم المواد التي كانت مخصصة لقضايا المرأة، فعلى سبيل المثال تظهر الإحصائية أن (8%) فقط من المواد المُعدّة في قناة اليوم متعلقة بقضايا حقوق المرأة وان نسبة الصحفيات المشاركات لا تتجاوز (5%). تتضمن الدراسة الكثير من هذه الأمثلة موجودة مما يجعلنا نسلط الضوء على التوازن الجندري و التواجد القليل وغير الفعّال للعنصر النسائي في هذه الوسائل الاعلامية.
وهذه الإحصائيات تظهر شكل من أشكال التمييز ضد المرأة في ميدان العمل الذي يتعارض مع قرار مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الانسان ففي عام 1979م اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المراة التي تنص بإحدى موادها الثلاثين المادة رقم 11 ” تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في ميدان العمل لكي تكفل لها، على أساس المساواة بين الرجل والمرأة، نفس الحقوق ”
تكمن المشكلة في غياب (أو تغييب) صورة المرأة المقابلة والمناقضة للنظرة النمطية السائدة في وسائل الإعلام، ومن هنا وبناء على ماسبق يجب ان ندعم وندعو الى تكثيف وتشجيع التواجد النسائي واستقطاب اليد الكاتبة النسائية، وذلك عن طريق تعهد وسائل الاعلام والمؤسسات والمنظمات بإدخال سياسات وقواعد جديدة تساهم بالتوازن الجندري، وتمكين دور المرأة وتكافؤ الفرص في المجال الإعلامي، واستخدام تجارب المرأة لوقف تنميطها ولمناصرة قضاياها.

%d مدونون معجبون بهذه: