نور المراد – صدى الشام
تعمل عدّة مراكز ومنظمات في الشمال السوري، على إقامة تدريبات مختلفة، من أجل الدفع بالنساء لدخول سوق العمل، والاعتماد على أنفسهنَّ في تأمين مصاريف الحياة الاقتصادية التي باتت تتصاعد يومًا بعد يوم.
وكانت “صدى الشام” قد أعدّت تقريرًا يسلّط الضوء على ورشات تدريبية موجّهة للنساء السوريات في مجال “الصيانة الكهربائية” حيث لم يسبق للمرأة السورية في الشمال الدخول في سوق عمل صيانة الكهرباء.
وفي هذا التقرير، تشرح “صدى الشام” آلية عمل مراكز نسائية أخرى، تعمل على تقديم التدريبات للنساء، ومن بينها “مركز مزايا” الذي تديره السيّدة السورية غالية رحّال.
يقوم المركز من فترة طويلة، بتقديم تدريبات للنساء في شتّى مجالات الحياة المختلفة، ما يساعدهنَّ على البدء بمشاريعهنَّ الشخصية، وذلك من خلال “مركز مزايا النسائي” وهو مشروع أطلقته منظمة “مزايا” في عدّة مناطق في الشمال السوري.

تقول غالية رحال مؤسسة منظمة “مزايا” لـ “صدى الشام”: “إن الهدف من المشروع هو تمكين المرأة في الشمال السوري ماديًا، اقتصاديًا، معنويًا وثقافيًا وخاصة في المناطق المستهدفة من خلال إقامة دورات مهنية مثل “خياطة وتزيين الشعر ونسيج وأعمال يدوية واسعافات أولية وغيرها”.
وتضيف رحّال، أن النساء المستفيدات من هذه التدريبات، يتمكّنَّ في وقتٍ لاحق، من العمل بهذه الاختصاصات بعد تخرجهنَّ من تلك الدورات”.
ولا يركّز مركز “مزايا” على التدريبات فقط، بل إنّه يعمل على رفع الوعي للنساء في الشمال السوري، وذلك من خلال إقامة جلسات توعية تهدف الى توعية المرأة بحقوقها الاجتماعية وتوجيهها في تأدية دورها بشكل فعال في مواقع اتخاذ القرار خاصة في الظروف الحالية بحيث تكون فاعلة في جميع مجالات الحياة، بحسب رحّال.
وتوضّح رحّال، أن المركز أقام في الفترة الماضية سلسلة تدريبات أكاديمية تُضاف إلى التدريبات المهنية وتنوّعت في عدّة مجالات، ومنها “تدريبات القيادة، المحاسبة، تنمية الذات، الحوكمة، إدارة عامة وغيرها”، لافتةً إلى أن هذه التدريبات الأكاديمية تستهدف النساء الحاصلات على مستوى جيد من التحصيل العلمي.
كما بيّنت أن النشاطات داخل المركز تتضمّن أيضًا، جلسات نقاش مركّزة حول قضايا تخص المرأة السورية، و هذه الجلسات أسبوعية تستهدف النساء من أعمار وثقافات متفاوتة للاطلاع على تفاوت الآراء بين الأجيال وإقامة زيارات ميدانية مع بعض المنظمات التي تعمل على دعم المرأة، فضلًا عن اقامة جلسات نقاش مشتركة مع النساء، بهدف الاطلاع على قضايا لم يتم التطرق اليها مسبقًا.
وبحسب رحّال فإن عمل المركز لا يتوقّف هنا، فهو يقيم بشكلٍ دوري، عدّة محاضرات علمية تتعلّق بعدّة مجالات في الحياة ومنا “طبية، قانونية، سياسية، اجتماعية”.
وعن الفئات المستهدفة في هذه التدريبات والجلسات النقاشية والمحاضرات قالت رحال: “نستهدف في المنظمة النساء والفتيات من عمر 15 حتى 45 عامًا، من خلال دورات مهنية وتدريبية ودعم نفسي”.
أمّا بالنسبة لمن هم بعمر يزيد عن 45 فتقام لهم أنشطة ترفيهية وأدبية وجلسات ثقافية في مراكز مزايا، بحسب رحّال التي أكملت: “نستهدف في كل تدريب ما بين 10 الى 15 متدربة في النشاط الواحد، ويمكن أن يصل عدد المتدرّبات في المحاضرات والجلسات النسائية إلى 40 مستفيدة، كما تستمر الفترات الزمنية للدورات المهنية لمدة 90 يومًا بينما تكون مدّة التدريبات الأكاديمية ما يقارب 30 يومًا لكل تدريب.
وبالنسبة لطرق قياس نجاح التدريبات أوضحت رحال أنه يتم العمل على تنظيم استبيانات قبلية وبعدية للمشروع، وجلسات حوار مع المستفيدات، وأيضًا هناك جلسات نقاش مركزة، بالإضافة إلى قصص نجاح قامت بها المتدربات.
أما فيما يخص الصعوبات والتحديات التي تعترض مشاريع مزايا بينت رحال أن صعوبة تأمين تمويل للمشاريع تأتي في مقدمة الصعوبات التي تؤثر على تنفيذ أي مشروع، وفي هذا السياق تقول رحّال: “في حال التغلب على الصعوبات المادية هناك صعوبات لوجستية وأمنية مرتبطة بظروف الحرب بالمنطقة”.

وبالنسبة للمدربين في مراكز مزايا النسائية تواصلت “صدى الشام” مع المدربة أنعام الحسن المتخصّصة بالحلاقة النسائية وبينت المدربة أنها تواجه صعوبات خلال التدريبات التي تقوم باعطائها موضحةً أنها تواجه صعوبة في توصيل الفكرة للمتدربات لأن مهنة الحلاقة النسائية (الكوافيرة) من المهن الصعبة التي تحتاج الى فن وذوق لممارستها
وأكدت المدربة الحسن أنه من الضروري أن تكون لدى المتدربات رغبة كبيرة في تعلم هذه المهنة لتصل لها المعلومة بشكل دقيق وصحيح وخاصة في المواد المستخدمة في تغيير لون الشعر.
ولكن رغم هذه الصعوبات وبعد جهد وتعب أكدت المدربة أنها حققت أهدافها المرجوة من المشروع وقد ساهم في ذلك استجابة المتدربات، حيث أكدت المدربة أن المتدربات بدأن بالعمل التطبيقي وما زالوا حتّى الآن على تواصل معها للتأكد من نسبة المواد المستخدمة ونوعها.
أم محمود، سيّدة سورية تدرّبت في مركز مزايا قالت لـ “صدى الشام”: “الذي شجعني لحضور التدريب في مركز مزايا هي حاجتي لمهنة يمكنني من خلالها مساعدة أسرتي وتأمين حاجاتهم وخاصة بعد استشهاد زوجي في الحرب فلم يبقى لدي أي معيل”.
وبينت أم محمود أنها اختارت مهنة الخياطة لكي تتمكن من العمل داخل المنزل والاهتمام في أطفالها في الوقت ذاته، لافتةً إلى أنّه من خلال التدريب، استطاعت الخروج من العزلة التي عاشتها بعد وفاة زوجها والاندماج بالمجتمع من جديد.