هيومن فويس
تحمل الحروب في جعبتها الكثير من النتائج السلبية التي تعصف بالمجتمعات، فيضرب أمدها الطويل تماسك العائلات، ويواجه الإنسان تحديات بالغة الصعوبة تهدد حاضره ومستقبله، والجامع الأكبر بين كافة مكونات أي مجتمع تحاصره الحروب والتحديات، هي التكلفة الباهظة للأطفال وكبار السن والنساء، وفي المشهد السوري لا يختلف واقعه عن بقية الحروب التي يشهدها العالم بشكل متكرر، إلا أن السنوات التي انقضت من عمر تلك الحرب عمقت جذور المعاناة والتحديات لمعالجة ما يمكن معالجته من الواقع المأساوي.
منظمة “مستقبل سوريا الزاهر”، هي إحدى المنظمات الغير حكومية، والغير ربحية، التي عملت في سوريا، إذ انطلقت بذور المشروع عام 2008، من قبل مؤسسها الدكتور “محمد أبو هلال”، حيث شكل آنذاك مجموعة عمل حملت مسمى “المجموعة النفسية السورية”، والتي وجهت نشاطها لزيادة الوعي حول المفاهيم الأسياسية للصحة والدعم النفسي، ومع مطلع عام 2012، انتقل بعض كادر مجموعة العمل وعلى رأسهم الدكتور “أبو هلال”، إلى الأردن، معيدين تأسيس الفريق ولكن تحت مسماها الحالي.
فريق “هيومن فويس“، أجرى استطلاعاً للرأي، استهدف من خلاله 80 فرداً من المستفيدين والمستفيدات من المزايا التي تقدمها المنظمة، ونتيجة للاحصائيات الواردة، تبين أن مدينة “معرة النعمان” بريف إدلب، شمال السوري، كانت المنبر الأعلى مشاركة في الاستطلاع، إذ وصلت نسبة المشاركين والمشاركات من المدينة إلى 33% من الإجمالي، وحول ذلك أشارت إدارة منظمة “مستقبل سوريا الزاهر”، إلى قيامهم بتنفيذ مشروعين في معرة النعمان، أولهما مشروع دمج خدمات الصحة النفسية مع الخدمات الصحية العامة، والثاني، مشروع المنتدى الفكري السوري ولعل المشروع الثاني كان له الأثر الاكبر في رفع الوعي في هذه المنطقة و لفت نظر المواطنين الى الخدمات التي تقدمها منظمة مستقبل سوريا الزاهر.
عملية الاستطلاع شملت الإناث والرجال، وانقسم المشاركون ما بين 57.5% لصالح الإناث، فيما كانت نسبة الرجال 42.5%، وعلقت الإدارة على ذلك بالقول: لقد قمنا بالتركيز ومنذ بداية عملنا على تفعيل دور المرآة، ورفع وعيها وتمكينها في كافة المجالات.
انقسم المشاركون ما بين 57.5% لصالح الإناث، فيما كانت نسبة الرجال 42.5%
ووفق الاحصائيات الواردة، فقد حظي الشباب بالنسبة الأعلى من المشاركين بنسبة زادت عن 88%، فيما لوحظ مشاركة قليلة من كبار السن بنسبة لم تتجاوز 2.5%، بدورها، شرحت إدارة المنظمة الأسباب الكامنة وراء ذلك بالقول: تزامناً مع تركيزنا على المرآة ودورها في المجتمع عملنا وبشكل حثيث على استقطباب فئة الشباب بشكل اساسي وهي عادة ما تكون مهمشة في بيئة تشهد صراع عسكري ومن هنا كان اهتمامنا بتمكين الشباب وتدريبهم ورفع قدراتهم في مختلف المجالات.
أطفال يلهون ضمن إحدى النقاط التي تنشط فيها المنظمة
الحدث اللافت في عملية الاحصاء التي استوفت كامل الشروط الأساسية، هو أن الغالبية العظمى من المستفيدين والمستفيدات من برامج رفع القدرات في منظمة “مستقبل سوريا الزاهر”، من حملة الشهادات الجامعية، فكان رد الجهة المسؤولة عن هذه النقطة أنه ليس بالضرورة أن تكون هذه الفئات فاقدة للعمل فالكثير من المشاركين ينضمون الى التدريبات بهدف زيادة قدراتهم و خبرتهم في مجالات عديدة قد تكون ذات علاقة بعملهم.
علاوة على ذلك، وثق استطلاع الرأي وجود حرية واضحة المعالم في التعبير وإبداء الرأي دون مخاوف أو تحديات، حيث وصلت من قيم جودة العمل بـ الممتاز إلى 55%، و15% قالوا بأنه “جيد”، بينما قال 11.3% بأن العمل متوسط، واعتبر 16.3% من مجمل المشاركين بأن العمل دون الجيد، و2.5% اعتبروا العمل غير جيد.
وعلى هذه النتائج، قالت إدارة المنظمة: نعتقد هذا شيء جيد، وأن “يستطيع المشاركون التعبير عن آرائهم، ربما نحتاج ان نعرف تفاصيل أكثر عن النقاط السلبية أو الإيجابية التي يراها المستفيدون لنستطيع تحسين أداء عملنا واكتشاف أي موطن للخلل.”
كما بدأت المنظمة في تقديم خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي تطوعياً، في وقتٍ لاحق، وبدعمٍ من المنظمات غير الحكومية الدولية، مثل MDM ، فإن المنظمة أصبحت وفق المصادر، قادرة على توفير خدمات الصحة العقلية والنفسية والاجتماعية للاجئين السوريين والمجتمع المضيف في عمان، إربد، ومخيم الزعتري. وبعدها في عام 2014 ، انتلقت المنظمة الى تركيا وسجلت هناك كمنظمة غير حكومية ، وبدأت تقديم الخدمات في تركيا وداخل سوريا، واضعة بين آمالها بناء مجتمع زاهر يتمتع أفراده بصحة نفسية واجتماعية سليمة.
المنظمة توفر خدمات الصحة العقلية والنفسية والدعم النفسي الاجتماعي (MHPSS )في إطار تكاملي، من خلال دمج هذه الخدمات مع خدمات الحماية والتغذية والصحة وبناء القدرات وغيرها من خدمات الإغاثة وسبل العيش.
وتعمل SBF في حماية المرأة وتمكينها، وحماية الأطفال والشباب و تمكينهم، تقدم SBFخدمات بناء القدرات عالية الجودة في جميع المجالات المطلوبة التي تدعم تحقيق رؤيتها.
المستفيدون، وفق المصدر هم المجموعة الضعيفة، والذين تم تصنيفهم، كما يلي:
1- الأطفال، والنساء
2- الناجون من العنف القائم على النوع الاجتماعي.
3- الأطفال الناجون من الاعتداء.
4- الناجون من التعذيب.
5- الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية والجسدية.
6- المسنون.
7- الذين تعرضوا للعنف ومشاهد الموت والصدمة.
جلسة تكريمية لعناصر من الدفاع المدني في سوريا
وحول جودة الخدمات المقدمة من فريق العمل للمستفيدين والمستفيدات، صوت 66.2% إلى تقييم الجودة بالممتازة والجيدة، فيما اعتبرها 22.5% متوسطة الجودة، 11.3% قيموا ذلك بغير جيد، وعلى صعيد آخر، صوت 56.3% إلى استفادتهم من خدمات بناء القدرات المقدمة، و42.5% صوتوا لصالح الخدمات الصحية النفسية المقدمة لهم، فيما أشارت إدارة العمل بأنهم لا يقدمون الخدمات المالية والغذائية للمستفيدين.
إدارة “مستقبل سوريا الزاهر” علقت على ذلك بالقول: من الشيء الإيجابي أن النسبة الكبرى يرون عملنا جيد، ويحتاج إلى زيادة، طبعا هذا مرتبط بتوفر الدعم الخارجي الذي هو للأسف خارج سيطرتنا كمنظمة. أما باقي النسب: نحتاج أن نعرف أكثر عن عدم وضوح الخدمات او الصعوبات التي تحول دون وصولهم إليها.
فيما يخص المطالب والاحتياجات، راحت نسبة 75% من الإجمالي لمطالبة المنظمة بزيادة الخدمات المقدمة لهم، بينما طالب 13.8% بتوضيحها، وصوت 16.3% لصالح تسهيل وصول الخدمات لهم.
واعتقدت الجهة المسؤولة أن هذه نسب مهمة، وتتطلب منا متابعة حثيثة أكثر. ربما علينا تطوير آلية تقديم الشكاوي في المنظمة لدينا بحيث نكتشف حالات التمييز التي تحدث في تقديم خدماتنا. إذا كان لديكم أي أمثلة عن ذلك فنحن مهتمون بالتعرف عليها. اما في قضية التعليم والصحة فهي خارج تخصصنا، وتقوم بها منظمات أخرى.
الشفافية التي تمتعت فيها إدارة العمل وصولاً للمستفيدات والمستفيدين، كانت في أعلى مستوياتها، وهنا نطرح جانباً من عملية الاحصاء، إذ صوت 10% من المشاركين لصالح طلبهم من المنظمة وقف التمييز، ونسبة 65% طالبوا بزيادة الاهتمام بمجال الصحة، و66% ذهبت أصواتهم لزيادة خدمات بناء القدرات.
ورشة تدريبية لفريق المنتدى الفكري السوري
“مستقبل سوريا الزاهر، تعتبر من المنظمات السورية العاملة في مجال الصحة النفسية لخدمة اللاجئين في البلدان المجاورة، وتخصصت في مجالات “الصحة النفسية ، الدعم النفسي ، الحماية ، وبناء القدرات.”، ويتوفر لدى كادرها، متخصصون في فريق المنظمة: على سبيل المثال ، يوجد أطباء ومعالجون نفسيون خبراء في رعاية وتوثيق حالات التعذيب والعنف الجنسي ، هناك أيضا كفاءات بالرعاية الذاتية و رعاية الموظفين.
تم انتاج هذه القصة الحقوقية بدعم من منظمة “صحفيون من أجل حقوق الإنسان “JHR ومؤسسة دونر الكندية Donner Canadian Foundation